اعتبرت صحيفة وول ستريت جورنال أن استيلاء الولايات المتحدة على ناقلة نفط محملة بالخام الفنزويلي يسبب ضررًا اقتصاديًا يفوق بكثير تأثير الغارات الجوية التي تشنها واشنطن على قوارب يُزعم استخدامها في تهريب المخدرات، مشيرة إلى أن الخطوة تنذر بأزمة وجودية لنظام الرئيس نيكولاس مادورو المعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.
وذكرت الصحيفة أن النفط يمثل أكثر من 90% من دخل الصادرات الفنزويلية، وأن أي تعطيل لمبيعاته ينعكس مباشرة على الاقتصاد وعلى الدائرة المقربة من مادورو. وترى الصحيفة أن تكرار عمليات الاستيلاء على ناقلات النفط أو التهديد بها يدفع فنزويلا إلى خفض أسعار نفطها بشكل كبير لمشتريها القلائل، من بينهم الصين، كما يضطرها إلى استخدام مزيد من احتياطياتها الأجنبية لاحتواء التضخم المتصاعد.
وأشارت إلى أن الناقلة التي استولت عليها واشنطن تحمل نفطًا بقيمة تبلغ نحو 80 مليون دولار، وهو ما يعادل 5% من الإنفاق الشهري لفنزويلا على السلع المستوردة، ما يزيد احتمالات حدوث نقص إضافي في الإمدادات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين أن واشنطن تعتزم تنفيذ المزيد من عمليات المصادرة، في إطار ضغط متصاعد لإجبار مادورو على التنحي، يشمل تعزيزًا عسكريًا واسعًا في منطقة الكاريبي، وغارات على قوارب مشتبه بتهريب المخدرات، وتهديدات بقصف فنزويلا. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن "أيام مادورو باتت معدودة"، دون الكشف عن خطوات تنفيذية واضحة.
وقال فرناندو فيريرا، مدير الشؤون الجيوسياسية في شركة "رابيدان إنيرجي جروب"، إن استهداف قطاع النفط قد يؤدي إلى "زعزعة استقرار النظام"، معتبرًا أن ترامب يسعى لزيادة الضغط على كاراكاس. ورجّح الخبير الفنزويلي فرانسيسكو رودريجيز أن يؤدي الاستيلاء الشهري على ناقلة نفط إلى إدخال الاقتصاد الفنزويلي في ركود جديد، مضيفًا: "أي تراجع كبير في عائدات النفط سيقود إلى ركود اقتصادي ضخم".
وبحسب الصحيفة، فإن التهديدات الأمريكية شلّت بالفعل حركة ناقلات النفط من وإلى فنزويلا، إذ كانت نحو 12 سفينة تنتظر الرسو خارج الميناء الرئيسي الخميس، دون دخول أي منها لتحميل الخام، في حين اعتاد الميناء استقبال ما لا يقل عن عشر ناقلات يوميًا في الظروف الطبيعية.
وأشار مسؤول في ميناء فنزويلي إلى أن حالة التوتر مع الولايات المتحدة دفعت العديد من الموظفين للتغيب عن العمل بدعوى المرض. كما أن العقوبات الأمريكية تجعل من شبه المستحيل على معظم التجار التعامل مع النفط الفنزويلي.
وتعتمد كاراكاس بشكل كبير على ما يعرف بـ"الأسطول الخفي" الذي يضم حوالي 1000 ناقلة قديمة تُستخدم أيضًا في نقل نفط خاضع للعقوبات من روسيا وإيران، وتتعرض العديد من هذه السفن بالفعل لعقوبات أمريكية. ويتابع موقع "تانكر تريكرز" نحو 80 سفينة في المياه الفنزويلية، بينها أكثر من 30 ناقلة خاضعة للعقوبات.
وبعد تشديد العقوبات الأمريكية في 2019، لجأت فنزويلا إلى شحن النفط عبر سفن تابعة لحلفاء خاضعين للعقوبات، مثل إيران وروسيا. وقدّر خوان ماتياس سابو، وهو مسؤول نفطي متقاعد، أن هذه الأساطيل تسهم في نقل أكثر من 600 ألف برميل يوميًا إلى عدد محدود من الأسواق، ومعظمها ينتهي في الصين بعد خلط الخام الفنزويلي بنفط آخر لإخفاء مصدره.
وبحسب سابو، تقدم فنزويلا خصومات كبيرة على نفطها الثقيل الشبيه بالقطران لجذب المشترين في السوق السوداء، ما يؤدي إلى بيعه بنصف سعره تقريبًا، ويقلل من دخل الحكومة.
ويرى محللون أن تراجع مبيعات النفط سيزيد معاناة الفنزويليين، وقال ديفيد سميلد، الخبير في الشؤون الفنزويلية بجامعة تولين: "الخطوة ستضر بمادورو بالتأكيد، لكنها ستؤذي الشعب بدرجة أكبر".