بث تجريبي

سرقة جواهر التاج الفرنسي تثير جدلاً واسعًا في فرنسا: تحقيقات تكشف ثغرات أمنية في متحف اللوفر

أثارت حادثة السرقة الجريئة التي استهدفت ثماني قطع ثمينة من مجوهرات التاج الفرنسي داخل متحف اللوفر، جدلاً واسعًا في فرنسا، بعدما بدت تفاصيلها أقرب إلى مشاهد من فيلم سينمائي أو إحدى مغامرات اللص الشهير "أرسين لوبين"، في ظل تساؤلات متزايدة حول فعالية أنظمة الإنذار بالمتحف العريق.

فبحسب التقارير، انطلقت صفارات الإنذار بعد فوات الأوان، ما مكّن الجناة من تنفيذ العملية والفرار في دقائق معدودة، رغم وصول الشرطة بعد ثلاث دقائق فقط من البلاغ.

وأكد وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونييز، في مقابلة مع قناة LCI، أن "أجهزة الإنذار عملت بشكل طبيعي"، موضحًا أن النظام استشعر محاولة الاقتحام فور فتح النافذة، وتم إخطار غرفة المراقبة بالمتحف، ومنها إلى قوات الأمن، "وفقًا للبروتوكول المعتمد". لكنه أقرّ بأنه لا يمكن الجزم بأن جميع أجهزة الإنذار داخل خزائن العرض قد أطلقت إشاراتها بالشكل المطلوب.

في المقابل، أصدرت النيابة العامة في باريس بيانًا أكدت فيه أن عمليات التحقق من أداء أنظمة الإنذار لا تزال جارية، في حين ذكرت صحيفة Libération أن التحقيقات ما زالت مستمرة لمعرفة ما إذا كانت الأنظمة الأمنية قد تعطلت بالفعل أثناء السرقة.

من جانب آخر، أعلن متحف اللوفر في بيان رسمي أن "أنظمة الأمن كانت تعمل بكفاءة"، مقدرًا قيمة المسروقات بنحو 88 مليون يورو، مشيرًا إلى أن الخزائن التي استُخدمت لتأمين القطع نُصبت عام 2019 وتُعد أكثر تطورًا من سابقاتها.

إلا أن الجدل تصاعد بعد تقارير صحفية فرنسية كشفت أن نظام الإنذار المثبت في النافذة التي استخدمها اللصوص كان معطلاً منذ أكثر من شهر. وأفاد الصحفي ديدييه ريكنر من مجلة La Tribune de l’Art بأن الإنذار أُوقف لتجنب "إنذارات كاذبة" ولم يُعاد تشغيله لاحقًا.

وأكدت مصادر أمنية لموقع Franceinfo أن النافذة لم تصدر أي إنذار أثناء عملية الاقتحام، فيما ذكرت شبكة France Inter أن النظام المركزي المعروف باسم "Ramses"، الذي يربط المتحف بالشرطة، لم يُفعّل إلا بعد الإنذار الثاني، أي بعد أن استخدم اللصوص منشارًا كهربائيًا لقطع الزجاج المصفح الذي يحمي تاج الإمبراطورة أوجيني.

ورجّحت الشبكة أنه لو كان النظام قد فُعّل منذ لحظة فتح النافذة عند الساعة 9:34 صباح الأحد، لكانت الشرطة ألقت القبض على الجناة قبل مغادرتهم المكان.

هذه السرقة أعادت إلى الأذهان حادثة سرقة لوحة الموناليزا عام 1911، حين تمكن موظف إيطالي في المتحف من تهريبها، ما جعل الحادثة الجديدة الأسوأ من نوعها منذ أكثر من قرن.

وفي تطور لافت، كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تقرير سري صادر عن ديوان المحاسبة الفرنسي ينتقد ضعف منظومة المراقبة بالفيديو داخل أجنحة المتحف، مشيرًا إلى تراجع الإنفاق على الأمن خلال السنوات الأخيرة، وتأخر تحديث الأنظمة التقنية.

وأوضح التقرير أن بعض الأجنحة، مثل جناح ريشيليو الذي يضم أعمالًا لبوسان وفيرمير والمجموعات الفارسية والآشورية، تغطي الكاميرات فيه فقط 25% من غرفه البالغ عددها 182 غرفة. كما أشار إلى أن إدارة المتحف ركزت على مشاريع جديدة بدلاً من صيانة الأنظمة الأمنية القائمة، رغم توفر الموارد المالية اللازمة.

ويرى مراقبون أن الحادثة تمثل إخفاقًا أمنيًا كبيرًا لمتحف اللوفر، وتكشف عن حاجة ملحّة لإعادة تقييم إجراءات الحماية والتنسيق بين المتحف والشرطة، خاصة في ظل قيمة الكنوز التي يحتفظ بها، والتي تُعد جزءًا من التراث الوطني الفرنسي الممتد عبر العصور من فرانسوا الأول إلى نابليون بونابرت وماري أنطوانيت والإمبراطورة أوجيني.

قد يهمك