شهدت مدينة السليمانية في العراق واحدة من أعنف الحملات الأمنية منذ سنوات، عقب صدور مذكرة اعتقال بحق السياسي البارز لاهور شيخ جنكي وعدد من المقربين منه.
فما إن أعلنت المحكمة قرارها، حتى بدأت القوات الأمنية بفرض طوق مشدد على مداخل ومخارج المدينة، محكمة السيطرة على لالة زار، الموقع الذي اتخذه لاهور مقراً له منذ أحداث يوليو2021.
وقد تصاعد التوتر سريعاً، وتحولت الأجواء إلى ساحة مواجهة مفتوحة، حيث دوّت أصوات الانفجارات والاشتباكات العنيفة طوال ساعات الليل، لتضع السليمانية أمام مشهد غير مسبوق من الاضطراب والخوف. وبعد ثلاث ساعات من القتال، انتهت العملية باعتقال لاهور وشقيقيه، وسط حصيلة من القتلى والجرحى وخسائر مادية جسيمة، بينما بقيت المدينة تحت قبضة أمنية مشددة.
كيف بدأت العملية؟
مع حلول مساء أمس، أغلقت القوات الأمنية نقاط التفتيش في مداخل المدينة الرئيسة: كلوانان، طاسلوجة، ميركبان، سيتاك وعربت، الأمر الذي أدى إلى ازدحام مروري خانق امتد لآلاف السيارات. وفي الوقت نفسه، فُرض طوق أمني محكم على مجمع وفندق لالة زار، حيث يقيم لاهور شيخ جنكي مع شقيقيه منذ عام 2021.
وطالبت القوات الأمنية المطلوبين بتسليم أنفسهم، غير أن لاهور رفض، مؤكداً عبر وسائل الإعلام أنه لم يتسلم أي مذكرة قضائية، ومهدداً بأن أي قوة تقترب من منزله ستتحمل المسؤولية الكاملة. ومع مرور الوقت، ارتفع منسوب التوتر، واستقدمت السلطات قوات إضافية إلى المنطقة، فيما خيّم القلق على سكان السليمانية من اندلاع مواجهة دامية، رغم دعوات بعض الأحزاب السياسية إلى ضبط النفس وحماية استقرار المدينة.
التصعيد والاشتباكات
وفي وقت متأخر من الليل، أعلن المتحدث باسم محكمة السليمانية، حاكم صلاح حسن، أن مذكرة الاعتقال صادرة وفق المادة 56، الخاصة بتجريم تشكيل جماعات تهدف إلى تقويض أمن الدولة. ومع اقتراب الساعة الثالثة فجراً، بلغت الأزمة ذروتها، حيث انتشرت معدات ثقيلة ودبابات حول لالة زار بانتظار أوامر الهجوم. وفي مقطع مصور ظهر لاهور من شرفة الفندق قائلاً: "لقد حاصروا منزلي ويستعدون لشن هجوم".
وعند الساعة 3:32 فجراً صدر الأمر بالهجوم، لتندلع اشتباكات عنيفة هزت أرجاء المدينة. أصوات الانفجارات والأسلحة الثقيلة أيقظت السكان، وأثارت حالة من الذعر، فيما اشتعلت النيران داخل أجزاء من مجمع لالة زار وتصاعد الدخان في سماء السليمانية لساعات.
المواجهات والضحايا
لم تقتصر الأحداث على لالة زار وحدها، إذ تعرضت منطقة دباشان، حيث يقيم بافل جلال طالباني، لهجوم بواسطة طائرتين مسيرتين، دون أن تتضح الجهة المسؤولة عنه. ومع ذلك، استمرت المواجهات في لالة زار ثلاث ساعات متواصلة، قبل أن تنجح القوات الأمنية في اعتقال لاهور شيخ جنكي مع شقيقيه بولاد وآسو، والسيطرة على كامل المجمع واعتقال جميع أفراد حمايته.
وبحسب المصادر الرسمية، أسفرت الاشتباكات عن مقتل ثلاثة من عناصر الأمن وإصابة خمسة عشر آخرين بجروح متفاوتة، بينما لم تُعلن أي إحصاءات دقيقة حول خسائر قوات لاهور.
الوضع بعد العملية
مع بزوغ فجر اليوم، استعادت السليمانية هدوءاً نسبياً، غير أن المدينة ما تزال تحت إجراءات أمنية مشددة، حيث تواصل القوات انتشارها في الشوارع الرئيسية وتُبقي المداخل مغلقة، وسط ترقب شعبي وسياسي لما ستؤول إليه تداعيات اعتقال شخصية بارزة مثل لاهور شيخ جنكي.
منبر الرأي
منبر الرأي
أصداء المرأة
منبر الرأي
منبر الرأي
القصة كاملة