بث تجريبي

رويترز: لجنة ظل طرفها شقيق الشرع لهيكلة الاقتصاد السوري

كشف تحقيق أجرته وكالة أنباء رويترز أن حازم الشرع، شقيق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ورجلاً أسترالياً مفروضاً عليه عقوبات، يقودان جهوداً لإعادة هيكلة الاقتصاد باسم مكافحة الفساد.

لكن هذه الجهود تتم عبر صفقات مع رجال أعمال ارتبطوا بمكاسب غير مشروعة في عهد النظام السابق، ما يثير مخاوف من استبدال أوليغارشية بأخرى، حيث تُعيد "لجنة ظل" صياغة الاقتصاد السوري من خلال عمليات استحواذٍ سرّية على شركات من عهد الأسد

يقود اللجنة رجل أسترالي من أصلٍ لبناني يُدعى إبراهيم سكرية، يُعرف باسمَي "أبو مريم" و"إبراهيم بن مسعود"، وهو مدرج على لوائح العقوبات في بلاده بتهمة تمويل الإرهاب. أما المشرف على عمل اللجنة فهو حازم الشرع، الذي لا يشغل منصباً رسمياً، لكنه يتمتع بصلاحيات واسعة في الشؤون الاقتصادية.

حصلت اللجنة على أصول تزيد قيمتها على 1.6 مليار دولار، عبر مصادرة شركات وتوقيع صفقات مع رجال أعمال، من ضمنهم خاضعون لعقوبات أمريكية. شملت هذه الأصول شركات تابعة لتكتلات كانت تُدار من قِبل مقربين من الأسد، بما في ذلك شركة الاتصالات الرئيسية في البلاد.

لم تُعلن الحكومة الجديدة عن عمل اللجنة أو وجودها، ويقتصر علمها على من يتعاملون معها مباشرة، رغم تأثيرها المباشر على الاقتصاد الوطني. وصرّح أحد أعضاء اللجنة أن الفساد البنيوي في عهد الأسد جعل الخيارات محدودة أمام الإصلاح، ما اضطرهم لعقد صفقات خاصة بدلاً من محاكمة كبار رجال الأعمال.

لكن هذه السياسات قد تؤجج الغضب الشعبي، مع استمرار الإفلات من العقاب، إذ احتفظ بعض رجال الأعمال بأرباحهم وتفادوا الملاحقة القضائية مقابل المال والتنازل عن جزء من الشركات. وأفاد أربعة دبلوماسيين غربيين بأن تركيز القوة الاقتصادية في أيدٍ مجهولة يهدد بعرقلة عودة سوريا إلى النظام المالي العالمي.

في 9 تموز/ يوليو، أعلن الرئيس الشرع عن إنشاء صندوق سيادي تُشرف عليه الرئاسة، ويُتوقع أن يُديره شقيقه حازم. كما صدر مرسوم رئاسي بتعديل قانون الاستثمار، ووفق مصادر رويترز، فإن حازم وسكرية صاغا النص النهائي لهذه التعديلات، رغم عدم شغل أيٍّ منهما لمنصب حكومي مُعلن.

قال ستيفن هايدمان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط، إن إطلاق صندوق سيادي في هذه المرحلة خطوة "سابقة لأوانها"، وانتقد غموض مصادر الأصول ومنح الاستقلالية لرئاسة الصندوق.

ويأتي ذلك بينما ترفع الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية مفروضة على سوريا منذ عهد الأسد. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية لرويترز إن رفع العقوبات هدفه إعطاء سوريا "فرصة للنمو"، لكنه دعا الرئيس الشرع لاقتناص هذه الفرصة "التاريخية".

في إدلب، حيث صعدت هيئة تحرير الشام إلى الحكم بقيادة أحمد الشرع، نشأت بنية اقتصادية موازية عبر مؤسسات مثل شركة "وتد" النفطية، و"بنك الشام". وأسس مصطفى قديد، المعروف بأبي عبد الرحمن، الجناح المالي للجنة الجديدة. وبحسب مصادر في هيئة تحرير الشام، فإن قديد يُدير عمليات اللجنة من البنك المركزي السوري، وله سلطة واسعة تُوصف بـ"حق النقض".

قال موظفان سابقان في البنك إن قديد يتخذ القرارات الرئيسية، ويُسيطر على الملفات الكبرى في اللجنة المالية. وأكدا أن قراراته حاسمة، في بنية تُذكّر بسيطرة القصر في عهد الأسد.

أما سكرية، فيُعرف بماضيه المتشدد، إذ غادر أستراليا عام 2013 قبل يوم من تنفيذ شقيقه تفجيراً انتحارياً في سوريا. وحُكم على شقيق آخر له بالسجن في أستراليا بسبب إرسال أموال إلى جبهة النصرة. ويستخدم إبراهيم اسماً مستعاراً على مواقع التواصل، ويُقدّم نفسه كرجل أعمال مولع بالشاورما والكريكيت.

أما حازم الشرع، فقد عمل سابقاً مديراً لشركة بيبسيكو في أربيل، وكان مورّداً لمشروبات إدلب، قبل أن يتحوّل إلى المسؤول غير المُعلن عن ملف الاقتصاد في سوريا الجديدة. وظهر إلى جانب شقيقه الرئيس في زيارة إلى السعودية، وقدّمه إلى محمد بن سلمان، رغم أن اسمه لم يُذكر في البيانات الرسمية.

في الأيام الأولى بعد سقوط النظام، عقدت اللجنة اجتماعاتها في فندق "فور سيزونز"، مقر بعثة الأمم المتحدة، حيث أُفرغ بار السيجار الفاخر ليستضيف اللقاءات الخاصة. ثم انتقلت لاحقاً إلى مكاتب كان يشغلها مسؤولون اقتصاديون في النظام السابق.

أدركت اللجنة أن مقاضاة رجال الأعمال ستضعها في "ملعبهم"، حيث لا تزال البنية القضائية غير موثوقة. ولتجنّب التأميم الكامل، تم الاتفاق على تسويات اقتصادية: يتنازل رجال الأعمال عن أجزاء من شركاتهم مقابل الحصانة، وتستفيد الدولة من خبراتهم.

بحلول نهاية 2024، كانت اللجنة قد استحوذت على نصف الإمبراطورية المالية التي أنشأها النظام السابق، بما في ذلك "سيريتل". وعادت شركات كبرى إلى العمل بأسماء جديدة، مثل شركة "أجنحة الشام"، التي تحوّلت إلى "فلاي شام" بعد تسوية مع مالكها عصام شموط.

كما سلّم رجال أعمال كبار، مثل سامر فوز ومحمد حمشو، أكثر من 80% من أصولهم التجارية مقابل التسويات. وشملت هذه الأصول مصانع ومعامل وشركات ضخمة، كانت متهمة بالتربح من الحرب، بما في ذلك إعادة تدوير أنقاض المناطق المدمرة.

رغم ذلك، تؤكد واشنطن أن العقوبات المتبقية تهدف لتعزيز المساءلة، وتشدد على أن "العدالة الحقيقية" ما تزال أساساً لأي استقرار دائم في سوريا.

قد يهمك