بث تجريبي

بوتين يتجاهل تهديدات ترامب.. أوكرانيا مسألة وجودية لروسيا

لا يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منزعجًا من تدهور علاقته مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، لأنه يعطي الأولوية دائمًا للحرب، ولا يزال واثقًا من أن القوات الروسية تحرز تقدمًا، وأن مقاومة أوكرانيا قد تنهار قريبًا، وفق ما نقلت صحيفة "الجارديان"، عن محللين ومسؤولين سابقين بالكرملين.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن موسكو ترى أن تدهور العلاقات مع ترامب أمر مؤسف، فقد غير الرئيس الأمريكي لهجته بشكل جذري، الأسبوع الماضي، بإعلانه صفقة تسليح لأوكرانيا، وتهديده بفرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا.

وقال مسؤول سابق رفيع المستوى في الكرملين للصحيفة: "موسكو تشعر بخيبة أمل وانزعاج لأن العلاقات لم تنجح مع ترامب، لكن مهما كانت توقعات بوتين لعلاقة جيدة مع ترامب، فإنها ستأتي دائمًا في المرتبة الثانية بعد أهدافه في أوكرانيا". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "غزو أوكرانيا بالنسبة لبوتين مسألة وجودية".

ولم يعلق الرئيس الروسي، الذي بذل على مدى أشهر جهودًا حثيثة لإرضاء ترامب، على تهديداته حتى الآن، في حين امتنع الكرملين وكبار المسؤولين عن توجيه انتقادات مباشرة، لكن خلف الكواليس، كان هناك مزيج من الإحباط والقبول.

وقالت تاتيانا ستانوفايا، المحللة السياسية الروسية المستقلة: "في موسكو، كان هناك أمل وتوقع لبناء علاقة قوية مع ترامب"، مضيفة "لكن التوقعات الأساسية في روسيا كانت دائمًا فرض عقوبات أمريكية أكثر صرامة وتدفق مستمر للأسلحة إلى أوكرانيا".

وعندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض في وقت سابق من هذا العام، إذ سعى بسرعة إلى إحياء الجهود الرامية إلى إصلاح العلاقات مع موسكو، وكرر تعهده الانتخابي بحل الصراع في أوكرانيا في غضون 24 ساعة فقط، بدا الأمر لفترة وجيزة وكأنه انفتاح استراتيجي لبوتين. كما أن الصدام الدرامي في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يؤدِ إلا إلى تعزيز الشعور بأن موقف واشنطن قد يتغير.

بالنسبة للكرملين، كانت رئاسة ترامب تمثل منذ فترة طويلة هزة جيوسياسية محتملة، فرصة لتقويض وحدة حلف شمال الأطلسي، وزرع الشكوك حول التزام الغرب على المدى الطويل تجاه أوكرانيا.

لكن بدا أن شهر العسل انتهى الأسبوع الماضي، عندما عبّر ترامب علنًا عن إحباطه من رفض بوتين الموافقة على وقف إطلاق النار. ثم أعقب ذلك بحزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، بما في ذلك مساعدة كييف في الحصول على أنظمة الدفاع الجوي باتريوت، وهدد بفرض عقوبات واسعة النطاق على روسيا وشركائها التجاريين ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام في غضون 50 يومًا.

وبدا ترامب مستاءً بشكل خاص لأن اتصالاته الشخصية مع بوتين، بما في ذلك ست مكالمات هاتفية لم تسفر عن أي شيء، وهو ما يعتبر إهانة شخصية لزعيم معروف بغروره.

وحسب الجارديان، قال مسؤول سابق رفيع المستوى في الكرملين، إن القصف الذي بدا استعراضيًا للمدن الأوكرانية بعد اتصالات الزعيمين كان "خطًأ استراتيجيًا"، مشيرًا إلى أن بوتين أساء قراءة رد ترامب. وقال المصدر إن "بوتين لم يبذل أي جهد لإذلال ترامب، لكنه بالتأكيد لم يتعامل مع الأمر بحكمة".

ومع ذلك، بدا أن العديد من المسؤولين الروس والمدونين المؤيدين للحرب تنفسوا الصعداء الأسبوع الماضي، إذ رفضوا تهديدات ترامب باعتبارها أخف من المتوقع واعتبروها بمثابة منح بوتن شيكًا على بياض لمدة 50 يومًا.

قال مصدر في مؤسسة السياسة الخارجية الروسية للجارديان: "قد يحدث الكثير خلال 50 يومًا، وبوتين يعلم ذلك. فهو يرى ترامب عاطفيًا وقابلًا للتأثر. ستواصل موسكو التقرب من واشنطن. فهم لا يعتبرون هذا الخلاف نهائيًا".

في الوقت الحالي، تصر موسكو على تكثيف هجومها في أوكرانيا. واستخدامها المستمر لتكتيكات الطائرات المسيرة - التي تطلق آلافًا منها كل ليلة - ينهك الدفاعات الأوكرانية بشكل متزايد. كما كثف الكرملين هجماته الجوية على المراكز الحضرية الأوكرانية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، حيث تعرضت كييف لهجمات متكررة.

وفي ساحة المعركة، حققت قواتها تقدمًا بطيئًا لكن ثابت، إذ اقتربت من مدينة بوكروفسك الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية. ويقول المطلعون على تفكير بوتين إن الإنذار الذي قدمه ترامب لمدة 50 يومًا من المرجح أن يجبره على مضاعفة جهوده الحربية.

وقال فيودور لوكيانوف، المحلل البارز في السياسة الخارجية الروسية ورئيس مجلس استشاري للكرملين: "القيادة الروسية لا تستجيب للضغوط. على الأرجح، يمكننا القول إن المرحلة الأولى من العلاقات الأمريكية الروسية في عهد ترامب، التي استمرت نحو ستة أشهر انتهت".

وأضاف المصدر الرسمي السابق في الكرملين، أن بوتين "مهووس" بعدم الظهور بمظهر الضعيف، ومن غير المرجح أن يخفف من موقفه في مواجهة تهديدات ترامب. 

وتابع المصدر "لقي أكثر من 100 ألف روسي حتفهم في هذه الحرب. لا يمكن لبوتين أن يعود إلى الوطن بأقل مما يعتبر نصرًا حقيقيًا".

قد يهمك