في أول تعليق أميركي رفيع يعكس جدية التحرك الدولي تجاه الأزمة السودانية، أكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، أن واشنطن قدّمت بالفعل مقترحاً “قوياً” لوقف إنساني شامل لإطلاق النار في السودان، باعتباره خطوة جوهرية لتهيئة المناخ نحو حل سياسي طويل الأمد.
وأوضح المسؤول أن الولايات المتحدة طالبت طرفي الصراع بقبول الهدنة من دون شروط مسبقة، مشدداً على ضرورة التزام الجميع بإنهاء الأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية آمنة وغير مشروطة لوصول الإغاثة. واعتبر أن الهدنة “لن تنقذ الأرواح فقط، بل تشكّل أيضاً بوابة أساسية نحو حوار مستدام”.
أفاد المسؤول الأميركي أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وافق على المقترح الأميركي، بينما رفض قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقف إطلاق النار وأصرّ على مواصلة القتال.
وأشار إلى أن استمرار العمليات العسكرية بين الطرفين يُظهر مدى صعوبة التوصل إلى تسوية، في ظل غياب الثقة وتصاعد الميدان.
كشفت مصادر مطّلعة عن خارطة طريق أميركية تهدف إلى معالجة جذور الأزمة السودانية عبر ثلاثة محاور رئيسية:
يستند المسار الأول إلى إنهاء انتشار الجيوش الموازية والميليشيات المسلحة، باعتبارها المحرّك الأكبر لاستمرار الحرب وتهديد الأمن الداخلي. ويهدف ذلك إلى إعادة حصرية القوة إلى مؤسسات الدولة الرسمية.
يتضمن المسار الثاني بناء جيش وطني مهني بعيد عن الولاءات السياسية والقبلية، قادر على حماية السيادة ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية. وتعتبر واشنطن أن احتكار الدولة للسلاح شرط لأي استقرار دائم.
يركز المسار الثالث على إصلاح الهياكل الإدارية، وإحياء قدرة الدولة على تقديم الخدمات، وبناء مؤسسات قوية تعيد ثقة المواطنين بالنظام العام، وتضع السودان على مسار التعافي بعد سنوات من الانهيار.
تأتي هذه المبادرة الأميركية في وقت يشهد السودان تصعيداً واسعاً في مختلف الجبهات، وسقوط مدن جديدة، آخرها بابنوسة في غرب كردفان، بالتزامن مع تحركات دولية مكثفة لاحتواء الصراع ومنع انزلاقه نحو مرحلة أكثر خطورة.
وتُعد هذه الخطة الأميركية وفق المصادر رؤية متكاملة تجمع بين الحلول الأمنية والعسكرية والإصلاحات المؤسسية، ما يجعلها محور اهتمام المجتمع الدولي الباحث عن تسوية توقف النزيف وتمهّد لسلام مستدام.