استيقظ الفرنسيون صباح الاثنين على تطور غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الحديثة، بعدما أعلن قصر الإليزيه استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو وحكومته، بعد أقل من 24 ساعة على توليه المنصب رسمياً.
الاستقالة المفاجئة جاءت لتضيف فصلاً جديداً من الارتباك السياسي في فرنسا، التي تعيش منذ أشهر حالة من الجمود والانقسام البرلماني الحاد.
حكومة لم تُكمل يومها الأول
لوكورنو، الذي كان قد سمّى 18 وزيراً مساء الأحد، كان يخطط لاستكمال تشكيلته الوزارية لاحقاً، إلا أن اختياره لعدد من الوزراء السابقين في حكومات أُسقطت بحجب الثقة أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشارع الفرنسي، إذ اعتبر معارضوه أن إعادة الوجوه ذاتها تمثل تجاهلاً واضحاً لإرادة البرلمان والرأي العام.
ووفقاً لمصادر فرنسية، فإن هذه الخطوة فجّرت خلافات داخلية في صفوف الأغلبية الرئاسية، وأدت إلى استقالة الحكومة بشكل جماعي صباح الاثنين.
3 خيارات أمام ماكرون
وأفادت تقارير إعلامية فرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون يواجه الآن ثلاثة سيناريوهات محتملة للتعامل مع الأزمة:
الاستقالة الشخصية، وهو خيار مستبعد حالياً بحسب مراقبين.
حلّ الجمعية الوطنية (مجلس النواب) والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهو خيار يحمل مخاطرة كبيرة في ظل الانقسام الحاد.
تعيين رئيس وزراء جديد في محاولة لتجاوز الأزمة مؤقتاً، رغم صعوبة الحصول على دعم الكتل البرلمانية الكبرى من اليسار واليمين المتطرف.
ويرى محللون أن أي خيار يتخذه ماكرون سيزيد من تعقيد المشهد، في ظل ضعف التأييد الشعبي وتراجع الثقة بمؤسسات الحكم.
أسباب الاستقالة المفاجئة
وأوضحت وسائل إعلام فرنسية أن استقالة الحكومة جاءت نتيجة تراكم عدة عوامل، أبرزها الخلافات حول توزيع الحقائب الوزارية، واحتجاج قوى سياسية على إعادة تعيين شخصيات شاركت في حكومات فقدت الثقة البرلمانية سابقاً.
وأشارت إلى أن رئيس الوزراء المستقيل هو الخامس الذي يغادر المنصب منذ يناير 2025، في دلالة على عمق الأزمة داخل النظام السياسي الفرنسي.
حكومة ماكرون في مأزق
كان لوكورنو قد شكّل حكومته مساء الأحد في محاولة لإنقاذ الوضع السياسي المتأزم منذ الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجراها ماكرون منتصف العام الماضي، والتي أفرزت برلماناً منقسماً بين ثلاث كتل كبرى، ما أفقد الرئيس أغلبيته البرلمانية.
وبحسب بيان الرئاسة، احتفظ عدد من الوزراء الرئيسيين بمناصبهم، بينهم وزير الداخلية برونو ريتايو ووزير الخارجية جان-نويل بارو، بينما واجهت وزيرة الثقافة رشيدة داتي انتقادات بسبب محاكمتها المرتقبة بتهم فساد.
أزمة سياسية غير مسبوقة
تأتي هذه التطورات في وقت كانت فيه الحكومة الجديدة تستعد لعرض بيانها السياسي أمام البرلمان يوم الثلاثاء، وسط تهديد أحزاب اليسار بتقديم اقتراح بحجب الثقة.
لكن استقالة لوكورنو المفاجئة سبقت المواجهة، لتعمّق ما يُوصف بأنه "أخطر أزمة سياسية" تشهدها فرنسا منذ تولي ماكرون السلطة.