بث تجريبي

انتهاك للخصوصية.. الشرطة الألمانية تخطط لتوسيع استخدام برامج التجسس والمراقبة

في ظل تصاعد معدلات الجريمة والمخاوف من اندلاع أعمال عنف نتيجة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على غزة، يعتزم جهاز الشرطة الألمانية توسيع استخدام برنامج المراقبة "Gotham"، الذي طورته شركة "Palantir" الأمريكية بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ويُستخدم في ما يُعرف بـ"التنبؤ الأمني"، وفقًا لتقرير نشرته شبكة "دويتشه فيله".

وتم تصميم برنامج الذكاء الاصطناعي الأمني باعتباره برنامجًا متعدد الاستخدامات، حيث يتم جمع كميات هائلة من البيانات بسرعة البرق "لا يستغرق إشباع فضول ضابط الشرطة سوى ثوانٍ معدودة حتى يعرف الاسم، العمر، العنوان، الغرامات، السجل الجنائي".

وحسب التقرير، بدمج بيانات الهواتف المحمولة المختارة ومحتوى قنوات التواصل الاجتماعي الممسوحة ضوئيًا خلال البرنامج، يظهر ملف تعريف شامل لأي شخص في لحظة. وبمساعدة الذكاء الاصطناعي "يبدو أن برنامج المراقبة الذي طورته شركة التكنولوجيا الأمريكية يحقق أحلام وكالات الشرطة والاستخبارات".

تحليل الأنظمة

أتاحت شركة البرمجيات المملوكة للملياردير الأمريكي بيتر ثيل برنامجها لولاية بافاريا عام 2024؛ وفي هيسن، يُستخدم البرنامج بالفعل منذ عام 2017.

وفي ألمانيا، يُطلق على البرنامج أسماء مختلفة، مثل HessenData ، أوVeRA في بافاريا - وهو اختصار لـ"منصة أبحاث وتحليل الأنظمة المتداخلة".

ووفقًا لصحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية، وشبكتي البث العام NDR وWDR، استخدمت الشرطة الألمانية بالفعل VeRA في نحو 100 حالة بحلول مايو 2025.

ورغم أن شفرة المصدر الحاسوبية تُخزَّن على خوادم في ألمانيا، لكن مع ذلك، يُشير المنتقدون إلى عدم وجود ضمانات ضد وصول نسخ منها إلى الولايات المتحدة، وفقًا لوسائل الإعلام الألمانية.

سياسة القوة

في ألمانيا، يتناقض الاعتماد الواضح والمتزايد على شركات التكنولوجيا الأجنبية العملاقة، مثل Palantir، مع تطلعات البلاد المعلنة.

وقد نصّت الحكومة الجديدة، المؤلفة من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين الوسط) وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CDU/CSU) والحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) من يسار الوسط، على أن "السياسة الرقمية هي سياسة قوة"، وذلك في اتفاقها الائتلافي في وقت سابق من هذا العام.

وجاءت أهدافها متمثلة في ألمانيا ذات سيادة رقمية "ولتحقيق ذلك، سنعمل على تفكيك التبعيات الرقمية من خلال تطوير تقنيات أساسية، وتأمين المعايير، وحماية البنية التحتية الرقمية وتوسيعها. وسنحقق سلاسل قيمة مرنة للصناعات الرئيسية، متكاملة على المستوى الأوروبي، من المواد الخام إلى الرقائق الإلكترونية، إلى الأجهزة والبرمجيات".

رغم ذلك، يبدو أن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت (من الحزب المسيحي الاجتماعي) يبقي خياراته مفتوحة، بعد أن رفض حتى الآن استبعاد شراء برنامجPalantir لصالح مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية والشرطة الفيدرالية.

وبهذاـ، يخالف دوبريندت خط سلفته نانسي فايسر (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، التي رفضت استخدام هذه البرامج في عام 2023.

ضد الخصوصية

تشير "دويتش فيله" إلى أن ثلاث من أصل ست عشرة ولاية اتحادية في ألمانيا تستخدم نظام Gotham بالفعل. وهي بافاريا، وهيسن، وشمال الراين-وستفاليا؛ بينما تخطط بادن-فورتمبيرج لتطبيقه قريبًا.

مع ذلك، ووفقًا لمناصري الخصوصية ومنظمات الحقوق المدنية، فإن استخدام مثل هذا البرنامج يأتي مع مشكلة كبيرة "فإلى جانب الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جريمة، يمكن أن يوقع أيضًا أشخاصًا أبرياء في الفخ.

وينقل التقرير المعارضة الشديدة لمنظمة "جمعية الحقوق المدنية" الألمانية لاستخدام برامج مثل Gotham. لذلك، رفعت دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية ضد تحليل البيانات واسع النطاق في بافاريا.

ونقل التقرير عن فرانزيسكا جورليتز، محامية الجمعية: "أي شخص يقدم شكوى، أو يكون ضحية جريمة، أو حتى يوجد في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، يمكنه جذب انتباه الشرطة من خلال هذا البرنامج".

وبحسب المنظمة التي يقع مقرها في برلين، فإن مثل هذا التحليل غير المحدود للبيانات ينتهك الحق الأساسي في تقرير المصير المعلوماتي وسرية الاتصالات، وهو حق مضمون في الدستور الألماني.

أيضًا، وفقًا للقانون الحالي، يجوز للشرطة في بافاريا استخدام البرنامج حتى في غياب أي مؤشر على الخطر. وبذلك، يتجاهل المعايير المطبقة في ولاية هيسن المجاورة، بعد أن نجحت شكوى دستورية رفعتها جمعية حماية المستهلك في عام 2023. ولم تُصدر المحكمة الدستورية الاتحادية قرارًا بعد في شكوى مماثلة ضد ولاية شمال الراين-وستفاليا.

قد يهمك