كشفت شهادات ناجين وتقارير حقوقية وأقارب محتجزين لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن تنفيذ قوات الدعم السريع عمليات خطف جماعية في مدينة الفاشر غربي السودان، عقب سيطرتها عليها، واحتجاز آلاف المدنيين وابتزاز ذويهم بطلب فِدى مالية كبيرة، مع إعدام من يعجز عن الدفع.
ووفق الشهادات، حاصرت قوات الدعم السريع الفاشر لنحو عام ونصف منذ 2024، ومنعت محاولات الفرار عبر القتل والاختطاف. وبعد سقوط المدينة أواخر أكتوبر، نفّذ مسلحون عمليات احتجاز واسعة شملت نساءً وأطفالًا، وتعرّض الأسرى للتعذيب والحرمان، ثم أُجبروا على الاتصال بعائلاتهم لطلب المال.
وتشير تقديرات إلى بقاء نحو 270 ألف شخص في الفاشر ومحيطها عند سقوطها في 27 أكتوبر، بينما قالت الأمم المتحدة إن قرابة 106 آلاف فرّوا خلال ستة أسابيع، فيما يُعدّ مصير الباقين مجهولًا.
وقال ناثانيال ريموند، رئيس مختبر الأبحاث الإنسانية في كلية «ييل» للصحة العامة، إن عشرات الآلاف قُتلوا بالفعل. وأوضح أن تقريرًا مرتقبًا سيحدد ما لا يقل عن 140 موقعًا لتراكم الجثث، ويوثّق محاولات لإخفاء أدلة القتل الجماعي.
وأفاد ناجٍ يعمل في المجال الطبي بأنه بقي في الفاشر طوال الحصار، وأن شقيقه اختُطف وقُتل رغم دفع فدية. وأضاف أن مجموعة من نحو 100 شخص حاولت الفرار، فأُلقي القبض عليهم وأُعدم قرابة 30 فورًا. ونُقل الناجون لاحقًا إلى كوتوم، حيث طُلبت فدية وصلت في إحدى الحالات إلى 15 مليون جنيه سوداني مقابل الإفراج.
كما روى ناجٍ آخر استهداف حشد من الفارين بنيران المدفعية والطائرات المسيّرة، ثم إطلاق النار والدهس بالمركبات المدرعة عند نقاط تطويق، ما أدى إلى سقوط قتلى بينهم نساء وأطفال، وتقلص عدد المجموعة من نحو 150 إلى قرابة 30 شخصًا.
وأكد مصدر مطّلع أن سجن دقريس في مدينة نيالا يضم آلاف المحتجزين الذين نُقلوا من الفاشر، ولا يُفرج عنهم إلا بعد دفع فدية عبر تحويلات مالية هاتفية. وأشار إلى اكتظاظ الزنازين، وتعرّض السجناء للتعذيب، ووقوع وفيات بسبب سوء المعاملة والأمراض، بينها الكوليرا، مع امتلاء مقبرة جماعية قريبة.
وقالت «شبكة أطباء السودان» إن أكثر من 5 آلاف مدني محتجزون في نيالا، بينهم كوادر طبية وسياسيون وإعلاميون. وروت شهادات لمنظمات أممية حوادث إعدام جماعي لمن عجزوا عن دفع الفدية، ووقائع قتل لأزواج أمام أسرهم.