وجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه أمام إحراج سياسي بعد تسريب تفاصيل مكالمة سرية حذّر خلالها من احتمال تراجع الدعم الأمريكي لكييف، قبل أن ينفي علنًا صحة هذه التسريبات، مؤكدًا أن العلاقات الأوروبية الأمريكية “في أفضل حالاتها”. ورغم هذا النفي، تكشف التقارير الأوروبية عن قلق عميق يخيّم على مواقف الحلفاء بشأن مسار الحرب ومستقبل المفاوضات.
نفي فرنسي في العلن
أكد ماكرون خلال زيارته إلى الصين أنه لا توجد أزمة ثقة بين أوروبا والولايات المتحدة، مشددًا على أهمية الوحدة عبر ضفتي الأطلسي. وردّ على أسئلة الصحفيين بشأن التسريبات بقوله: “أنكر كل شيء”.
لكن تقريرًا لمجلة دير شبيجل كشف ملخصًا لمكالمة هاتفية جرت الاثنين الماضي بين قادة أوروبيين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال خلالها ماكرون إن “هناك احتمالًا لأن تغيّر واشنطن موقفها من مسألة الأراضي دون تقديم ضمانات أمنية واضحة”، واصفًا المرحلة الحالية بأنها “لحظة خطر كبير” بالنسبة لأوكرانيا.
تحذيرات ألمانية من المناورات الأمريكية
شارك المستشار الألماني فريدريش ميرز المخاوف ذاتها، ودعا زيلينسكي إلى “توخي الحذر الشديد”، مؤكدًا أن “الولايات المتحدة تمارس ألعابًا دبلوماسية منفردة”. ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة إلى موسكو قام بها مبعوث الرئيس دونالد ترامب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر ولقاؤهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمدة خمس ساعات.
كما التقى ويتكوف في اليوم التالي رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني روستم أوميروف في ميامي، من دون الكشف عن تفاصيل المباحثات. وتندرج هذه التحركات ضمن المقترح الأمريكي من 28 بندًا لوقف الحرب، والذي تم إعداده من دون التشاور مع الحلفاء الأوروبيين، ما أثار غضبًا واسعًا.
تعقيدات مالية أوروبية
يتزامن الجدل السياسي مع خلافات أوروبية حول خطة تمويل عاجلة لأوكرانيا، إذ يسعى الاتحاد لتأمين 90 مليار يورو لتمويل احتياجات كييف خلال عامي 2026 و2027.
وعرضت المفوضية الأوروبية خيارين: الاقتراض بضمان الميزانية المشتركة، أو إصدار قرض مدعوم بالأصول الروسية المجمّدة، على أن يتم السداد لاحقًا من تعويضات الحرب.
لكن بلجيكا رفضت الخيار الثاني بشكل قاطع، معتبرة أن مصادرة أصول دولة أجنبية “سابقة خطيرة لم تحدث حتى في الحرب العالمية الثانية”.
وفي مقال رأي بصحيفة فرانكفورتر ألجماينه، قال ميرز إن القرارات الأوروبية خلال الأيام المقبلة “ستحدد مسألة الاستقلال الأوروبي”، في إشارة إلى ضرورة اتخاذ مواقف موحدة بعيدًا عن الضغوط الأمريكية.
من زوايا العالم