وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أمرا تنفيذيا بتغيير تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، معتبرا أن ذلك يبعث “رسالة نصر” إلى العالم، في وقت يقول فيه مراقبون إن فكرة التغيير توحي بأن شخصية ترامب صدامية وأنه يتبنى الهجوم والاستباق بدل الدفاع والانتظار، ما قد يفتح الباب أمام حروب جديدة.
وقال ترامب في تصريح لصحافيين في المكتب البيضاوي بحضور الوزير بيت هيغسيث، إن الاسم الجديد “أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهنا”، مضيفا أنه “يبعث رسالة النصر” إلى العالم.
وكانت تسمية وزارة الحرب معتمدة مدى أكثر من 150 عاما منذ 1789، أي بعيد الاستقلال عن بريطانيا، وحتى العام 1947، بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ولا يمكن لترامب أن يغيّر رسميا تسمية الوزارة من دون موافقة الكونغرس، لكن الأمر التنفيذي يسمح باستخدام التسمية الجديدة كاسم ثانٍ لوزارة الدفاع.
وبدا أن ترامب يحمّل مسؤولية إخفاقات عسكرية أميركية منذ فوزها في الحرب العالمية الأولى والثانية إلى قرار تسمية البنتاغون وزارة الدفاع الذي اتّخذ في العام 1949. وقال ترامب “لكنّنا انتصرنا في كل الحروب”.
وقال هيغسيث الذي كلّفه ترامب إحداث تحوّل جذري في الوزارة، إن التغيير “لا يقتصر على التسمية، بل يتعلّق باستعادة روحية المحارب”.
ورحب هذا المذيع السابق في قناة “فوكس نيوز” بتغيير اسم الوزارة بسرعة، ونشر مقطع فيديو للوحة جديدة تحمل اسم “وزير الحرب” مثبتة على باب مكتبه في البنتاغون.
ويشكل تغيير اسم وزارة الدفاع جزءا من محاولة أوسع نطاقا من جانب ترامب لإظهار القوة والتأثير في الداخل والخارج خلال ولايته الثانية، كجزء من سياسته “لنجعل أميركا عظيمة مجددا”.
وفي هذا السياق، أمر ترامب بتعزيز الوجود العسكري الأميركي في منطقة البحر الكاريبي لمواجهة ما سماه كارتيلات المخدرات بقيادة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. وقتلت القوات الأميركية في وقت سابق من هذا الأسبوع 11 شخصا في استهداف لما قالت واشنطن إنه قارب لتهريب المخدرات.
وفي يونيو، أمر ترامب بشن ضربة عسكرية أميركية على منشآت نووية إيرانية.
وفي الداخل، نشر ترامب الحرس الوطني في العاصمة واشنطن ولوس أنجلس في الأشهر الأخيرة فيما وصفه بحملة على الجريمة والهجرة غير النظامية.
لكن القرار الذي اتخذه ترامب بشأن تغيير اسم وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب” قد يتعارض مع حملته للفوز بجائزة نوبل للسلام لدوره في إنهاء عدد من الصراعات، وفق ما يقوله الرئيس الأميركي، معدّدا ستة أو سبعة صراعات.
ووصف الديمقراطيون هذه الخطوة بأنها لعبة سياسية باهظة الكلفة للملياردير الجمهوري.
ولم يعلن البيت الأبيض بعد كلفة عملية تغيير اسم الوزارة، لكن وسائل إعلام أميركية تتوقع أن تصل إلى أكثر من مليار دولار.
وأوضح مسؤول في البنتاغون لوكالة فرانس برس أن “تقدير الكلفة سيتغير مع تنفيذنا توجيهات الرئيس ترامب (…) سيكون لدينا تقدير أوضح سنقدمه لاحقا”.
وكان ترامب أعلن في نهاية أغسطس عزمه على اتخاذ ذلك القرار.
وقال الرئيس الجمهوري يومها للصحافيين إنّ “اسم ‘الدفاع’ دفاعي أكثر من اللازم، ونحن نريد أن نكون هجوميّين أيضا”.
وبرّر البيت الأبيض رغبة ترامب بتغيير الاسم بالقول إنّ “الرئيس يرى أنّ هذه الوزارة ينبغي أن تحمل اسما يعكس قوتها التي لا تضاهى وقدرتها على حماية المصالح الوطنية”، مذكّرا بأنّ الولايات المتّحدة تملك أكبر جيش في العالم.
وبحسب البيت الأبيض، فإنّ الهدف هو فرض “السلام من خلال القوة” وضمان “احترام العالم للولايات المتحدة مرة أخرى”.
وفي الواقع، هذه التسمية هي مصطلح قديم في تاريخ الحكومة الأميركية.
وفي أغسطس 1789، بعد فترة وجيزة من تأسيس الولايات المتحدة، أنشئت وزارة الحرب للإشراف على الجيش والبحرية ومشاة البحرية.
وبعد أقل من عشر سنوات، حصلت البحرية على وزارتها الخاصة التي شملت أيضا سلاح مشاة البحرية في العام 1834. ثم تولت وزارة الحرب مسؤولية القوات الجوية التي أنشئت لاحقا.
وبعد الحرب العالمية الثانية، خضعت الوزارة لإعادة تنظيم كبرى وتغير اسمها.
وفي يوليو 1947، أنشأ قانون الأمن القومي الذي وقعه الرئيس هاري ترومان “مؤسسة عسكرية وطنية” برئاسة وزير دفاع أشرف على الجيش والقوات الجوية والبحرية.
وبعد عامين، عُدِّل القانون وأصبح اسمها الرسمي وزارة الدفاع. كما ألغيت بموجب التعديل مناصب قيادات الجيش والبحرية والقوات الجوية الثلاث، وحُوِّلت إلى مناصب أدنى رتبة.
وتقع الوزارة في مبنى البنتاغون، قرب واشنطن، على ضفاف نهر بوتوماك. ويضم هذا الهيكل الضخم 17 مبنى لوزارة نمت بسرعة بسبب الحرب العالمية الثانية.
ومع أكثر من ثلاثة ملايين موظف مدني وعسكري، أصبحت وزارة الدفاع الآن أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة.
لكن قد لا تكون لترامب القدرة على اتخاذ القرار بشكل منفرد بشأن تغيير الاسم، إذ أن ذلك يتطلب موافقة الكونغرس.
من زوايا العالم
منبر الرأي
بين السطور
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم