يرى خبراء أن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، المستمر منذ الجمعة الماضية، قد يمنح روسيا فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية، أبرزها تعزيز دور موسكو كوسيط بين الجانبين، وتحويل الأنظار عن الحرب في أوكرانيا، إلى جانب تقويض الدعم الغربي لكييف ورفع أسعار النفط العالمية.
وذكر تقرير لوكالة أسوشيتد برس، الأحد، أن روسيا طورت علاقات اقتصادية وعسكرية قوية مع إيران، وفي نفس الوقت علاقات دافئة مع إسرائيل محافظة بذلك على توازن في علاقاتها بالشرق الأوسط لعقود.
ووفق الوكالة، فإن ضربات إسرائيل على إيران وضعت موسكو في موقف محرج يتطلب مهارات دبلوماسية دقيقة للحفاظ على علاقاتها مع الطرفين، وقد تمنح روسيا فرصة لتصبح وسيطا يساعد في إنهاء المواجهة.
روسيا دانت الضربات الإسرائيلية وحذرت من عواقبها ودعت إيران وإسرائيل لضبط النفس ومنع المزيد من التصعيد، لكنها وفق الوكالة، اقتصر أداؤها على الإدانة القوية، من دون مؤشر يؤكد استعدادها لتقديم دعم يتجاوز الدعم السياسي لطهران، رغم وجود معاهدة شراكة بين البلدين.
ووفق بيان للكرملين، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى مكالمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عرض فيها وساطة موسكو لتفادي التصعيد.
وأضاف البيان: "تم الاتفاق على أن الجانب الروسي سيواصل اتصالاته الوثيقة مع قيادتي إيران وإسرائيل، بهدف حل الوضع الحالي، الذي ينذر بعواقب كارثية على المنطقة بأكملها".
وذكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، أنه "منفتح" على أن يؤدي الرئيس الروسي دور وساطة في النزاع بين إيران وإسرائيل.
كما قالت صحيفة "إسرائيل هيوم"، الأحد، إن "روسيا تشارك بكثافة في التحركات السياسية التي تخص الحرب بين إيران وإسرائيل".
مصالح مشتركة بين روسيا وإسرائيل
بحسب أسوشيتد برس فرغم أن روسيا زودت إيران بأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز S-300، والتي قالت إسرائيل إنها دمرتها خلال ضرباتها العام الماضي على إيران، فقد تباطأت موسكو في تسليم أسلحة أخرى في ما يبدو استجابة للمخاوف الإسرائيلية، وأخرت موسكو تسليم مقاتلات متقدمة من طراز سوخوي-35 التي ترغب بها إيران لتحديث أسطولها المتقادم.
من جهتها، بدت إسرائيل تأخذ المصالح الروسية في الحسبان بعدم إبداء حماسة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة في الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وتسببت العلاقات الودية بين الكرملين وإسرائيل في إثار استياء طهران، وسط أنباء عن تشكيك القيادة السياسية والعسكرية الإيران في نوايا موسكو.
العلاقات بين موسكو وطهران
اتسمت العلاقات بين موسكو وطهران بالتوتر خلال الحرب الباردة، لكن توطدت العلاقات بينهما سريعا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.
وأصبحت موسكو شريكا تجاريا مهما وموردا رئيسيا للأسلحة والتكنولوجيا لإيران في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها.
كما شيدت روسيا أول محطة للطاقة النووية في إيران، والتي بدأت العمل عام 2013.
وكانت روسيا جزءا من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 بين إيران وست قوى دولية، والذي قدّم تخفيفا للعقوبات على طهران مقابل كبح برنامجها النووي وفتحه أمام رقابة دولية أوسع. كما قدمت دعما سياسيا عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق أحاديا خلال ولاية ترامب الأولى.
وفي يناير، وقع رئيسا روسيا وإيران معاهدة "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي تنص على علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وثيقة.
مكاسب روسيا من التوتر الحالي
التوتر الحالي بين إسرائيل وإيران يعود بالفائدة على روسيا، وفق عدد من الخبراء، حيث يضعها في موقع وسيط موثوق به من الطرفين ومشارك محتمل في أي اتفاق مستقبلي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، قد اقترح في الأيام الأخيرة أن تأخذ روسيا اليورانيوم عالي التخصيب من إيران، وتحوله إلى وقود لمفاعلات مدنية كجزء من اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران.
صعوبات تعرقل إسرائيل في القضاء الكامل على نووي إيران
وفي حال عودة المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي قد يصبح عرض روسيا عنصرا محوريا في الاتفاق.
ويعتقد كثير من المراقبين أن الهجمات الإسرائيلية ستؤدي على الأرجح إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، ما سيساعد موسكو على تحقيق أرباح في وقت تعاني فيه اقتصاديا.
وبحسب المحلل العسكري في موسكو روسلان بوخوف: "سيدمر ذلك آمال أوكرانيا وحلفائها في أوروبا الغربية بانخفاض عائدات النفط الروسية التي تعد ضرورية لتمويل الميزانية العسكرية".
وبحسب المحلل سيرغي ماركوف: "الحرب بين إسرائيل وإيران ستساعد في نجاح الجيش الروسي في أوكرانيا، وستضعف تركيز العالم على تلك الحرب".
أصداء المرأة
من زوايا العالم
من زوايا العالم
من زوايا العالم